أحيانا أحن وأشتاق لأيام المراسلات البريدية الجميلة مع صديقاتي من كل الوطن العربي... بل كنت من شدة هوسي أراسل خمس أو عشر بنات من البلد الواحد...ومع الأيام قلت المراسلات وانتهت مع بعضهن ممن انشغلن أو ارتبطن بأعمال أو زواج أو خلافه!!! استمرت صداقتي مع عدد محدد وأغلبهن انتقلن للتواصل عبر الايميل والموبايل... إلا ممن يعشن ظروف صعبه في أجواء بلد غير مستقر. كم كنت أحب الكتابة بخط يدي والتعبير والتفنن في انتقاء الأوراق والمظاريف المزركشة واستخدام الملصقات الجميلة والكتابة بألوان متعددة وحتى الإبداع الخاص في الرسم والابتكار لدرجة أني كنت أصمم بطاقات معايدة بنفسي ومن صنع يدي!!! مع الوقت ضاع الوقت ولم يعد هناك وقت!!!
الحقيقة المراسلات البريدية أضافت الكثير لي وجمعتني من بنات في قمة الروعة ... ومن أغلب الدول العربية ... أهمهن على الإطلاق ""صديقاتي السعوديات"" ... هن الدرر والجوهر... افتقدت اتصالاتي مع صديقتي الأولى وكانت من مدينة "ينبع" ... لا أدري ماذا جرى معها ؟؟ لكني أتمنى لها كل التوفيق والسعادة أينما كانت... كانت قمة في الذوق الأدب الثقافة الالتزام والإبداع ... ساعدتني كثيرا في توسعة مخيلتي واكتساب معارف ومحبة التعرف والقراءة والغوص في الكتب... كانت مبدعة ذات خيال خلاق! عوضني ربي بعدها بتوأم الروح صديقتي الحبيبة لــــــــــوكا... والتي هي أختي التي لم تلدها أمي... أخت وصديقة بكل ما تعنيه الكلمة بل هي مرآتي التي لا تكذبني... وقفت معي في أقوى الصدمات وأقسى المواجهات وأعنف المصادمات... وقفت معي في كل وقت وحين ولم تتوانى عن نصحي إرشادي توجيهي ومساندتي... تواصلنا لا يتوقف عبر كل وسائل الاتصال... أشكر ربي أن باركني بمعرفتها وأدعوه يجازيها عني خير الجزاء. هناك صديقات لهن مكانه ومحبه خاصة من باقي الدول... ولكن يبقى الأمر درجااااااااااات!!!
طبعا كانت لدي مشاعر ومحبة عميقة عظيمة لا حدود لها لصديقة عانت الكثير وهي من بلد أصبح يئن تحت وطأة الغزاة المحتلين ويعاني انقسامات وشقاقات... عندما أرسلت لي جذبني إليها رقتها عذوبتها براءتها التي تظهر بجلاء في كتاباتها وعباراتها... عندما أتلمس كلامها وبراءتها في الكتابة أنسى أنها أكبر مني سناً ولكني أعود أفكر أن المعاناة والنضال والاستمرار رغم الظروف أعطاها الحكمة والعقل والمنطق وحب الحياة!! استمرت صداقتي معها سنوااااااااااااات ... كل مرة يزداد تقديري لها ومحبتي وإعجابي ...بل كنت أراها قدوة لنا في التحدي والتطلع والتقدم للإمام وسط الحطام والأشلاء ... كنت أشرك عائلتي بكل شفافية في حكايتها وقصتها وروعتها... حتى لما أرسلت صورتها عاتبتها أنه لا يجوز أن ترسل صورتها لأحد لا تعرفه جيداً حتى لي لأني أبقى صديقة بعيدة لا تعرفني جيدا ومع هذا احتفظت بصورتها بكل إجلال وتقدير في مكان سري ولم أسمح لأحد أن يراها لأنها أخت عزيزة ولا يمكن أن أخون أمانتها فصورتها أمانه قي عنقي... وبالمقابل أرسلت لها صور أطفال من عائلتي لأني لا يمكن أن أرسل لها صورتي!!! كانت تحكي لي الكثير وتشاركني بكل ما يجري هناك...عن أختها أخوها خالتها جيرانها وعملها وكل شيء يواجهها... وكنت أتخيل كل شيء مجسد أمامي وأتألم أن تعيش فتاة بريئة مثلها هكذا ظروف بل كنت أخشى عليها من جنود الاحتلال وحتى من عديمي الضمير والإنسانية!! بدأت الظروف تصعب عليها ورسائلها تتباعد ولكنها مستمرة... فقد أتأخر عليها أنا وهي لا تتأخر وتبقى ترسل وترسل... طلبت أن يكون أخوها من يرسل الرسائل لأنه يعمل في دولة مجاورة لبلدها المنكوب حيث أن مبنى البريد عندهم تم قصفة!!!.... ثم تطورت الأحداث وأرسلت لها رقم موبايل والدي ليكون همسة وصل لأعرف أخبارها عن طريق أخوها بتلك الدولة.... كنت أخبر عائلتي بكل شيء وأبي كان معي بالصورة لأنه بطبيعته الرقيقة العاطفية تفاعل وتعاطف وأتصل بأخ صديقتي ليطمئن عليهم.... وكانت رسائلها تأتي لتفرحني أنها سعيدة بالتواصل الكبير معهم...سعادتها كان سعادتي وبهجتي وفرحي.
..............
مع الأيام بدأت رسائلها تقل وتقل... ثم توقفت!!! تعجبت من الأمر ثم افترضت أنها تواجه صعوبة في الإرسال... لم أنسها وكنت أفكر كيف سأرسل لها؟؟؟ ربما أكملت الآن سنه منذ تواصلنا الأخير.... ثم أتت المفاجأة!!! صارحني بها أبي قبل أسبوع عندما كنت اطرح عليه فكرة لعمل خير!!! حيث قال لي: أنتي طيبة ونواياك خير بس لازم تنتبهي جيداً ... وقتها ذكرني بصديقتي هذه وقال: ألا تلاحظين أن صديقتك "فلانه" توقفت عن الإرسال لك؟؟؟ رددت باندهاش: فعلاً... لاحظت توقفها ثم افترضت أنها ربما تواجه صعوبة وأنا وحدي لا ادري كيف أصل لها!!! فرمى والدي المفاجأة وقال: ما كانت بنت .......... اللي كان يراسلك رجل!!!! كدت أموت لحظتها من الصدمة بل أنخلع قلبي !!! :"( اخبرني والدي انه كان يشك في أمر الرجل (الذي يفترض أنه أخ صديقتي) من خلال طريقة كلامه وحديثة عبر الموبايل... استدرجه لحد ما عرف منه الحقيقة وانه هو اللي كان يراسل وان البنت كانت وهم وخديعة !!!
الصدمة شلتني وآلمتني جداً ... كيف قدر هذا المخلوق أن يخدعني ويبتز عواطفي ومشاعري ... أحببت أخت وهمية تفاعلت معها وكنت أقلق عليها وأخبر الناس عن صمودها شجاعتها وتحديها الظروف.......... آلهي!!! ما أقسى بعض البشر عندما يجمدون ضمائرهم ويتمتعون بتعذيب إخوانهم...!!!
ما يقهرني انه استمر سنوااااااااااات في هذا اللعبة والضحك ... ألم يمل؟؟ ألم يخجل من نفسه؟؟ وماذا استفاد من هذا العمل الدنيء؟؟.... كنت صادقة متأثرة بما يسرده من حبكة وقصة حياة لا أعرف هل ألفها أم أقتبسها من واقع مرير؟؟؟ والصورة!!! الفتاة البريئة الرقيقة التي أملك صورتها الآن من تكون؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ طبعا مستحيل أنشر الصورة......... مهما يكن تظل بنت ناس ولربما سرقها الأخ المحترم ابن الناس الأكابر...
كم كنت حمقاء غبية ساذجة عن جدارة واستحقاق!!! هناك ألم يعصرني الآن لأني أحببت صديقتي الوهمية واحتفظت بصورتها ورسائلها وكلماتها وحتى هداياها البسيطة الرمزية ... كلامها والصدق المتدفق من حروفها كانت بغباء تبكيني!!!
لماذا عندما نصدق الآخرين في مشاعرنا ونعطي كل ما عندنا بكل حب وقد نبذل بلا مقابل بل ونستعد للتضحية لأجل الأخر ثم لا نجد إلا الاستهانة والاستقلال أيعقل أن الشر والخداع أصبح القوة السائدة بينما الطيبة والمصداقية أصبحت منبوذة ودليل ضعف؟!؟!؟!؟!؟!؟!؟!؟!؟
*=*=*=*=*=*=*=*=*=*
آآآآآآآآآآسفة كنت أرغب أن أتحدث عن ما بعد رمضان والعيد لكني أصبحت حزينة جداً من هذه المفاجأة والصدمة يبقى أننا نحمد الله على سلامة القلب والروح والدين يكفيني ما لدي من صديقات "حقيقيات" ممن عرفت معدنهن وأصلهن والتزامهن وصدق محبتهن بلا كذب أو رياء أو نفاق
*=*=*=*=*=*=*=*=*=*
ربي يحفظنا وإياكم من هكذا نماذج مريضة في عقلها ودينها!
|