1- مواعيد جدتي بالمستشفى منحتني نظرة جيدة لناس مختلفين...كنت أرافقها وأتمتع بهذا...خلال هذا رأيت الكثير... منها السيدة العجوز الغريبة التي جلست بجواري ولم تزحزح عيونها عني...كنا بصالة انتظار...ولكني كنت أتجاهلها إلى أن بدأت تقترب أكثر وبدأت تستجوب أقصد تسأل... انتم من أين؟! من أي منطقة؟! وشوي شوي تدخل عميقاً بشكل اقرفني فكنت أرد باقتضاب...ثم وصلت لمبتغاها: ويش قبيلتكم؟!! .....فأعطيتها الجواب الصحيح ولو أني اعرف ما وراء ذلك لكنت غيرت لأرى ما ستقوله... فبعد أن صرحت بقبيلتي لها أخذت راحتها وبدأت تمتدح قبيلتي و...و...و وكأني لا اعرف ما تقوله ...مع انه لا يهمني ولا يعنيني...لكنها أكملت تسأل عن قبيلة معينة بولايتنا (وما أكثر القبائل!!)...ثم تذكرتها هي...وبدأت تذمهم!! أنهم (------) و أنهم ذوي بشرة داكنة جدا بشكل غريب وأنهم وأنهم ...وأن أحدهم جاء يخطب ابنتها وكان داكن البشرة ولما أتت أمه كانت شديدة السواد ... وأنها رفضتهم و زوجوها بالمنطقة الفلانية (حشا كأن ابنتها الأميرة ديانا)!!! لكني حاولت إيقافها بأدب!!!! تصوروا أنا أوقفها؟!! فقلت لها كانت عندي زميلة من هذه القبيلة ولم تكن شديدة السمار! العجيب أني لا اعرف من هذه المرأة وما قصتها وعمري لم أتقابل معها ولم اسألها من أنت و من أين و ما قبيلتك...و ما دخلي أنا بكل هذا و بقصة حياتهم التي لا تهمني !!! لا ادري ما أنقذني منها!!! ولكنها توقفت وبسرعة هربت من جنبها إلى الجانب الأخر بطريقة دبلوماسية وبدون أن تحس أنها اقرفتني حتى الغثيان ...لكنها بقت ترمقني بنظرات و تتفحصني بعيونها الغريبة و لكني تجاهلتها :) قد تتساءلون ما قصدت بقولي أنا أوقفها؟!! السبب أني لم أكن صادقة ولكني حاولت الدفاع...فالزميلة تلك لم تكن بيضاء...بل فيها سمار...أجده سمار طبيعي و يناسب البعض...لكنها كانت تحاول إخفائه بالماكياج الكثيف...يعني طن بودرة عشان تبين بيضاء مع أن الله جعل لكل شخص مميزات وما يناسبه من لون و شكل و لكن البعض لا يقنع بما أعطاه الله من شكل أو لون...المصيبة كانت مليانة عيوب والواحد ساكت ما يريد يذم...ولم أحاول ذكر هذا ومجارة تلك المرأة في ذمها...لكن الحق يقال...عندما تجد مغرور قد تعذره إذا كان يملك شيء لا يملكه احد ...مال- جاه –نسب- سلطة-جمال-الخ....لكن المصيبة أن تجد مغرور لا يملك أي منها...فما سبب غروره؟!!! هذه كانت حاله تلك البنت...الشيفة شيفة والمعاني ضعيفة... الله يعينها على حالتها ومرضها!! من جانب أخر...أرفض رفضاً باتاً ذم الناس بسبب القبيلة أو النسب.....لا يجوز...أحيانا نجد نساء ورجال في قمة الروعة والأخلاق والذوق و الأدب و السمو مع أنهم ينتمون لقبيلة أو نسب متواضع غير مرغوب لدى البقية...والعكس صحيح! حتى ذكرت لصديقتي لولو حكاية أحدهم...ربما أسردها لكم مرة أخرى. وهناك قصص أخرى ربما يجب أن اكتبها في الوقت المناسب.
2- كنت في رحلة مع والدي إلى احد الولايات القريبة قبل شهور...رحلة تسوقيه.. وبعد التسوق ...تمشينا بالسارة إلى أن وصلنا للسوق الداخلي لهذه الولاية....وقف والدي يريد بعض الأشياء...فبقيت بالسيارة أجول ببصري إلى مباني السوق...إلى أن وقع نظري على رجل عجوز جالس على حصيرة يسند ظهره إلى جدار أحد المباني...وأمامه كومة من ثمار الليمون و بعض الأكياس ...كان يبيع لوحده لا أحد معه... ولم أرى احد يلتفت له أو يتوقف إليه ولو مجاملة لشراء أي شيء....تسمرت عيني علية انظر إليه و كدت أبكي وهو تحت لهيب الشمس في فترة الظهر لا يحمل حتى مظلة أو شيء يمنحه الظل وأنا أمامه بالسيارة المكيفة...فوق هذا رأيته يمدد رجليه و يمسح عليهما...يبدو متعب مرهق و لكنه يعمل بشرف و اقتدار...لم أزحزح عيوني عنه و هو لا يدري عني شيئاً إلى أن أتى والدي...وأنا شاردة و بدأ يتحرك ذاهبا بالسيارة...فقلت له: لحظة توقف فانحرف جانبا وأخبرته كم الرجل العجوز مسكين و متعب و يبدو مريض و أرجله تؤلمه...رجاءاً اذهب و اشتري أي شيء من عنده...لازم نساعده ولو بالقليل... والحقيقة أني لا أطيل الرجاء بهذه الأمور لأن والدي يسبقني إليها ...فتبسم و خرج بخفة و رشاقة إلى العجوز يشتري منه...عاد أبي يحمل كيس ليمون...وفرحت انه اشترى منه بل ازداد فرحي و بهجتي بالرجل العجوز...حيث قال أبي انه لما أعطاه مال إضافي فوق المال اللازم ...زاد الرجل العجوز من حبات الليمون في الكيس...هذه هي عزة النفس و هذه هي الكرامة...إنسان يكافح لأجل أن يحفظ كرامته ومع انه كبير عجوز منهك توالت عليه الأحداث والسنون...لكنه بقى يحمل عزة نفس و كبرياء...يمنعه من التذلل لأحد فآثر العمل...ولهذا أحب أن أدعم هؤلاء ..أحب أن أساندهم و أقول لهم: أنتم الصح...انتم الرجال ...انتم العزة و الكرامة. ويا ريتنا نحن نتعلم نكون هكذا.
3- مشهد أخر...بعد رحلة من مسقط...استوقفني مشهد غريب...بأحد الولايات توقفنا لأخذ عصائر وماء وهذا قبل رمضان بفترة... كنا بالسيارة ما عدا والدي...فتفاجأنا بطفل ربما بعمر 10 سنوات يقترب ويطلب منا شراء بخور يحمله في أكياس ... تعجبت ...فمع أني أشجع العمل الشريف ...لكن أطفال بالشارع يبيعون تحت لهيب الشمس!! أمر مستهجن وغالباً عندما تجد نفسك تحت إلحاح أطفال ينكسر قلبك ولا تقدر المقاومة...لكني التفت له وبدأت استجوبه ...فأنكس رأسه خجلاُ وابتعد...لم اقصد إحراجه بقدر فهمي من يدفعه لهذا الأمر ولأني لم أتعود هذا الأمر...ذهب واتت أخته!!!! تقريبا بنفس العمر...رحمتها والله تحت الشمس المحرقة تترجى من يشتري منها (حتى وجوههم مسودة والتعب واضح وجلي عليهم) .... وآتى أبي :) طبعا لا داعي لذكر هلع أبي لرؤيتها بجنب السيارة وتحت الشمس المحرقة...و طبعا اشترى أبي منها لتعود سريعا إلى منزلهم وفوق كذا منحها مال إضافي لتشتري ماء أو عصير وهي بتلك الحال تحت الشمس!! لكني بقيت مصرة انه خطأ جسيم تعريض أطفال لهذا العمل....لا يجوز استغلالهم هكذا...أين الأهل؟؟ أي أهل يتركون أطفالهم هكذا؟!! أهكذا رعايتهم لهم؟!!! وحتى لو الأسرة محتاجه...يمكن لـ الأب أو الأم العمل أو حتى الأولاد الأكبر سناً... نعم لمن يعمل وهو كبير بشرف واحترام... لكني لست مع استغلال الأطفال بهذه الطريقة :(
4- مشهد أخر أقرفني واستهجنته كثيرا...تأتي امرأة تحمل طفل وتبدأ تسرد قصة عجيبة غريبة بهدف أن تبتزك عاطفيا لتعطيها...وهي كما تراها طول وعرض ولا تشكو من باس....فما يمنعها من العمل لو محتاجة ؟!!! كله احتيال و كذب...لا يشعرون بالحرج و الذل والمهانة لسؤال الناس... فكيف نقارن هؤلاء مع الرجل العجوز العزيز.......شتان بينهما! وبصراحة انوي رد هؤلاء ولا أعطيهم...أفضل أعطي من يحتاج فعلاً ولا يمد يديه للناس عزة وكرامة. أتذكر و نحن صغار كانت بعض النسوة يعملن بأنفسهم...منهن من يخيط الملابس..ومنهن من تشتري قطع الملابس أو ما تحتاجه النساء و تزورهن في بيوتهن وتعرض عليهن البضاعة التي تحملها...ومنهن من يبعن وهن في بيوتهن للأطفال والنساء... كان شيء جميل و يحفظ الكرامة... فما الذي تغير؟!!
5- بالصدقة شاهدت برنامج مثير جداًُ....أو مقطع من برنامج بأحد القنوات العربية... عن شاب صغير كان يتدرب على التصويب بمسدس في مركز ومساحة خاصة للتصويب والرماية ..وأثناء إطلاقه للرصاصة...خرجت بعد الرصاصة الأولى رصاصة أخرى أثناء حركة الارتداد الخلفي للشاب...لم ينتبه لها و لا حتى مدربة الذي بجواره و لم يكونوا يعرفون أن هذا النوع من المسدسات يخرج أكثر من طلقة في التصويب الواحد...تلك الرصاصة طارت مسرعة و اخترقت كل الطرق والحواجز...إلى أن دخلت غرفة معينة و بطريقة عجزوا عن تفسيرها لم تخترق السقف مثل باقي الحواجز مع انه يمكنها من ذلك بل احتكت به و انحرفت و ذهبت مباشرة بلا أي انحراف إلى شاب صغير أخر يجلس على كرسي لتصيبه إصابة قاتلة في الرأس!!! التصوير الكمبيوتري للقصة كان رهيب و مؤثر جداً!! فقلنا جميعاً سبحان الله. كم مؤسف أنهم لم يدركوا بعد أن عجزوا أنه قدر الله له و أن أجله أتى و بهذه الطريقة....الأب نادم أن أيقظ ابنه للذهاب ذلك اليوم...لكن لا شيء يرد قضاء الله إلا هو. وما أصابك لم يكن ليخطئك.
ذكرني بقصة التيتانك ...السفينة العملاقة و كيف أن جبل جليدي أغرقها بكل سهوله... و هم الذين تشدقوا بقوتها و عظمتها...إلى أن تجاوزوا الحد بقولهم: أن الله نفسه لا يمكنه إغراق هذه السفينة!!! فكانت نهايتها بسبب جبل جليدي... ولا زالوا عاجزين أن يعرفوا لماذا؟!! سبحان الله!!
6- مشهد عابر و سريع ...ولكن مؤثر حرك قلبي وهيج مشاعري.......في رحلة إلى صحار....مررنا ونحن بالطريق بعمال يعملون في أحد المشاريع في وقت بدأت فيه الشمس يشتد لهيبا....ولكن لفت نظري أحدهم...لا يزال يلبس ملابس العمل...لكن كان يصلي!!! كان يسجد و يركع وهو بمقربة من العمل الشاق في الجو اللاهب بدون ظل...كان يصلي صلاة الضحى!!... هذا ونحن بالكاد نلتزم بالصلوات المفروضة....ما أكسلنا وما أبخلنا لنكون شاكرين ذاكرين حامدين...الحمد لله أن لنا ربا كريما رحيما يتجاوز عن سيئاتنا و يشملنا برحمته التي وسعت كل شيء... اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عنا.
|
You know what, Sama, the old lady at the hospital has a son similar age to you, and she has taken a liking in you :)