قبل أعوام كنت بأحد مستشفيات مسقط ، فلمحتها بنت حلوة دلوعة رشيقة أنيقة حركة فمها وهي تلوك تلك العلكة تلفت النظر ، ابتسمت لي فرددت الابتسامة بأحسن منها ، كانت لوحدها تحمل مظروف كبير تدخل و تخرج في الأقسام ، ففكرت مما تشكو جميلة مثلها و لماذا لا تبدو أنها هنا للعلاج أو حتى لزيارة مريض ... تناسيتها و انشغلت بمن أتيت بهم للمستشفى للعلاج ، وشاءت الصدف أن أخرج مع أسرتي بعد الانتهاء والتقي بها عند البوابة خارجة برفقة شاب فارع الطول وسيم متأنق يتبادلان حديث باسم ودي وبدون رغبة مني التقطت أذني جزء من الحديث ، فصعقت ...ظننته أخ زوج خطيب ابن عم ...لكن ما سمعته نسف حسن ظني ،، حيث قال: ظننتك لن تأتي !! فترد علية: وأنا انتظرتك ولكنك تأخرت...،،،!!!!!!!... لتكتمل صورة غريبة مريبة بعقلي في ختام المشهد وأنا بالسيارة مع والدي نغادر المكان فأراهما معا في السيارة يضحكان و يتبادلان الأحاديت وهو واضع يده على الكرسي التي هي فيه و بدون نية واضحة إلى الخروج أو مغادرة المكان!! فكان سوء الظن عندي هو المسيطر! تكرر المشهد و بشكل صاعق من جديد... ولكن مع الكبار و ليس الشباب اللعوب الطائش... كنت بالسيارة و قد انشغل والدي عني وتركني أتأمل البحر الهادئ الجميل يتماوج فيلقي زبده الأبيض في أحضان الشاطئ الرطب في لحظة تأمل عميقة لعظمة الخالق، ولم يخرجني من تأملاتي إلا رؤية السيارة المجاورة لي...حيث رجل و زوجته يتبادلان حديث و ضحكات و هو يضع يده على الكرسي الأخر...فابتسمت ابتسامة رضا...فما أجمل أن نرى أزواج يتبادلون الضحكة و الابتسامة رغم السنوات و الأزمات، لكن ما حدث بعدها أخرسني و أبهت ابتسامتي... حيث خرجت السيدة وأكملت حوارها عبر النافذة مع ضحكات و غمزات وتوادعا فذهبت هي تمشي جنب البحر و غادر هو المكان بالسيارة،،، بقيت متسمرة مشدوهة غير مصدقة لما أرى ... ألم تكن زوجته؟؟ من تكون إذا!!! كيف ولماذا و ... مليون سؤال اجتاح عقلي لحظتها كإعصار هائج في محاولة أن ألملم بقايا الصورة التي تشوهت لأضعها في الإطار المناسب لكن... سوء الظن!! "وان بعض الظن إثم"
هل ألوم نفسي على سوء ظني و كوننا للأسف نقفز مباشرة إلى سوء الظن بالآخرين؟ أم ألوم الآخرين لأفعالهم المريبة العجيبة المليئة بالشبهات؟! أليس الأجدر بالناس أن يتقوا الشبهات...حتى لا يسأ الظن بهم و بأفعالهم! ماذا سيكون الظن بحالة كهذه الحالات التي يستحيل فيها الاتجاه ايجابيا إلى حسن الظن؟!
لقد استغفرت ربي لي و لهم من سوء الظن ومن كل فكرة سلبية طرأت على بالي ، ودعوت ربي أن يغفر لنا و لهم و يهديهم إذا كانوا من الغافلين!
|
لا أود أن يظن الناس أن هذه الأمور والنماذج منتشرة و مستشرية بيننا.
الحمد لله ما هي إلا شواذ و قليلة و لكنني لا أحب أن أراها ، ولا أحب أن يضع البعض أنفسهم بمواقف و شبهات ثم يلوموا الآخرين على سوء الظن بهم.
كتبت هذا لأدع الناس يتفكرون بما يفعلون
وحتى يبعدوا عن الشبهات و سوء الظن.